ترجمة أحمد العلي.
1
جاءت إجابة دِرِك وُلْكَت عن سؤال ما الذي يمكن للكاتب أن يتعلمه من الرسّام كالتالي: أقول لطلّابي أن يقرأوا الصفحة الأولى من “وداع للسلاح”، ما يفعله هيمنغواي في تلك الصفحة هو ما يفعله “الرسّام”، أن لا تقول أمرًا دون الخوض فيه كلمةً بعد كلمة، أنت لا ترسم السماء بمسحة لون كبيرة، بل بضربة فُرشاة إثر أخرى.
2
*خمس وعشرون قصيدة (1949)
يجدّف الصيّادون عائدين في الغسق
يجدّف الصيّادون عائدين في الغسق
لا تُعِيري بالًا لسكون حركاتهم.
ولذا ما عاد لي، مع غرق المشاعر، أن أسأل بعدُ
ما الشّفق والاطمئنان اللذان وهبتْنيهما يداكِ البليغتان.
وما عاد للّيل، باعثُ الأكاذيب القديمة
الذي تغمز له نجومٌ تخفر الهضاب الحدباء،
أن يسمع كلمات الرّحيل الأبديّ، لأن الوقت يعرفُ
ذلكَ البحرَ العضوض المخادع، وأنّ الحُبّ يُعلي الأسوار.
مع ذلك فإن الآخرين، مَن يشاهدون الآن مسعاي في الرّحيلِ
إلى بحرِ أشَرُّ من أيّ كلمة حُبّ
ربما يستشفّون منّي كَمّ الهدوء في رحلتي،
ماخرةً مياهًا جديدة في هذه الحِيلة العتيقة.
ربما سيتسلّقُ التجاهُل آمِنًا إلى الرُّكّاب،
آنَ يسمعون أقاويل صغيرة عن مجدّفين غرقوا قُربَ النجوم[1].
في عامي الثّامن عشر
إلى واروِك وُلكَت
بعد حساب السنوات اليومَ وفق التقويمِ
الذي يُفصح عن موتك السابع عشر، مكثتُ حتى
آنَ الوقتُ الصّادق لتذَكُّر
كيف عاش البيتُ بك ودونك رخيّا.
أنا لا أوبّخ يدَ الموت،
ولا في وسعي رشْقها بتهكُّمي أو غضبي
لأن معتقدات الغسول التي مشاها أبي ما عادت ضوءًا،
والنوارس كلّها التي كانت طويلة طُولَ أحلامه
باتت صِنْوَ ضوئه، يتعفّنان فوق الرّمل.
ولا في وسعي رشْقها بتهكُّمي أو غضبي.
أو أنسف بالألفاظ القبرَ الأصفر
تحت الشجرة المعقوفة حيث لعازر وشؤونه كلّها باتت تاريخًا.
لكنها أكبر من سواها هديّة الموت، التي يمكنها
تحت التراب المتوهّج الذي كان الهيكلَ العظميّ
(شرِبَ النّبيذَ وآمنَ بالرّغيف المبارك)
أن تدفعنا لرؤية قيمة الإنسان المنسيّة
تُشعّ من جمال الأموات التائه[2].
مذكّرة شخصيّة
انطلقنا من رُبُوعٍ لم تعرف السّفنَ الشراعيّةَ حُطامًا مُريبًا
حيث عزلاتنا الخضراء لم تبدُ إلى زوال
والظهائر بعد المدرسة، حين تأتي الخالة “سورو”،
منضبطةً، منتصبة،
لتعلّمنا الكتابة. في الخارج يلاحق الصبيانُ كرتهم
الجلديّة عبر السّطح البرّاق لحقول اللعب،
تعرّقوا وتشاتموا بودّ، فيما نجلس، بدموع بطيئة
تصوغ طقس القلب.
الوقت مبكّرٌ جدًّا، أو فات الأوان، للتساؤل هل كُنّا موهوبين
بهذا الألم الذي رأى كلّ شيء، الذي ليس بيد البشر علاجه،
المُبارَك أو الملعون بنبوءةٍ رأت طريق النُّضج الحائر
[الألم] الذي لم يرفعه الوقت؟
تعلّمنا الكُرهَ من فرط الأقاويل، من الرّفاق والسّادَة،
[كُرهَ] المتنمّرِ الذي هزِئ بنا عندما لم نستطع العوْمَ في التاسعة من أعمارنا
والطفلِ الأشقر، صاحب المال الوفير؛ ثم أعجبَنا لاحقًا
غريبو الأطوار أولئك مُضِيعو
الوقت، الذين لا يرون مثلنا عُمقَ بلواهم؛
الذين بتنا نحسدهم على كسلهم الدؤوب، وقدرتهم
على تقريب الموت أو تأجيله كأنّه
وهمٌ لابدّ منه.
ثمّ جاء الحب، فالِقًا القلوب التي جمعها كما يجب أن يفعل الحُبّ،
كان زهونا الأطول وفاجعتنا الأعمق،
علّمنا أكثر ممّا علّمتنا الفلسفة حتى أننا طلبنا
الحريّة من التفكير، لا حريّته.
رسالة إلى رسّام في إنجلترا
حيث تتعفّن تحت الصناعيّات الرماديّة الصّارمة
في مدن الضباب وحُمّى الشتاء، أبعث
إليك هذه لأذكّرك بجُزُرٍ حميمة أعيَت غوغان، ولأخبرك
كيف نضجتُ لأُدركَ هِبَتَك
المتّقدة وتعلُّقكَ الهائل بمشاهد الطبيعة.
إنّه أبريل، وأنت تعرف دون شك
بما تُخبر به “الدوريّات”، أطراف الرّبيع
تبزغ وراء أسوار حدائق المدن،
أو أن أواخر الرّبيع لابدّ تنشُر
اعتذارات ورديّة على الفروع المسودّة الرّطبة
لرجالٍ بمعاطفهم، يُسِرّون
سطور الأغاني الهائمة من غلايينهم.
ولابد أنك تستصعب تخيّل أبريل
هذا، فصلًا تحترق فيه الموجةُ
سوداء؛ والوُريقات تتهشّم إلى رماد من الجفاف؛
وحُمرةٌ باهتة تشتعل مثل خراب القلب.
الطُّرق بيضاء من الغبار، وأوراق
الشّجر لها هدوء عُنُوسِيّ يُثير العصَب.
وسائرًا تحت الأشجار اليوم رأيت
القوارب الضيّقة التي تحمل ألقابًا مُضحكة
النّهار، مريم المجدلية، فتاة شاذّة.
دفعَتني لتأمّل أهمّ المشاهد التي رسمتها
وأيّام الحَدْب عليها في المعتزل
حيث شهدنا تجربتك الجادّة، وأنت تتعلّم.
ولابدّ أن تفهم كيف أنني ضعتُ
فيما أشاهد مواهبي تتعفّن هذا الفصل
أنت الذي عرّفْتَ، بلَوْح ألوانك المهيب
وضعيّات هذه الجزيرة العذراء
تفهم كيف أنني ضعتُ، راغبًا
في هِمّةِ فرشاتك وألّا أكون جليًّا.
لكن النّعمة التي نتجنبها، التي وهبتنا البَصَر،
تُفشي حول المنعطفات مبانٍ نستطيع
أخذ فكرتها عن يوم الأحد أو ردّها
تاركةً لروح الفرد البسيطة قرار مصيرها
بعد مشاهد الطبيعة أو النخيل أو الكاتدرائيات أو القطا
وتنال حُبّي الآن وتعطيه صمتًا
سيُدرك العالم الأعمى لحْمَه.
أنا، والسّاق على السّاق طوال النهار، أشاهد
أنا، والسّاق على السّاق طوال النهار، أشاهد
أكُفًّا مرقّشة من غيوم تتكالب
فوق المعالم الوحشية لجزيرتي الخائرة هذه
فيما السّفن البخاريّة التي تعكّر آفاقنا المفقودة، تُبرهن
على ضياعنا.
يُعثر علينا في
كتيّبات السيّاح وحسب، خلف المناظير المتوهّجة
يُعثر علينا في انعكاس شاحب للعيون
التي تعرف المدن، وتظننا هنا سعداء.
يدُبّ الوقت على المريض الذي طال سقمه
ولذا فأنا، مَن قرّر مصيره
اكتشفت أن صِباي قد ولّى.
وحياتي، مبكّرة جدًّا بالطبع على السيجارة العويصة،
ومقبض الباب المُدار، والسّكين التي تتقلّب
في أحشاء السّاعات، لابدّ أن تتخفّى عن العَلَن
حتى تتعلم كف تعاني
بالتفعيلة الصحيحة.
أتدرّب دون ريب على جميع مشاهد التمثيل في العُزلة
أبتكر لهم عُطلةً من حالاتي،
أسوّي رباط عنقي وأصلح حنكي الكبير
وألاحظ صورًا حيّة من لحم
تتسكّع في عيني.
حتى أستدير عن كل ذلك لأفكّر
في منتصف رحلتي عبر حياتي
أوه كيف صادفتك
أيها الفهد المتردّد في عيوني المتمهّلة.
3
تأبين للشّباب: اثنا عشر نشيدًا (1949)
النشيد الثاني
مترحّلين،
ومع أوّل ريح عاصفة، تجمع أسبابها،
أبصرنا حطام سفن يعوم صباحًا،
تبيّنّا
اليابسة، وما خلّفته وراءها الأسباب الأخرى،
ثمّ الشّمس،
طيور بيضاء، موجة زرقاء قوّسها دلفين،
وإلى اليسار
إطارُ كأسٍ من جزر هشّة، عذراء
خشخشة أوراق في الأشرعة، بطون أرجوانية للنوارس،
سِلال صيد وقوارب،
وُجود آخر يشحذ الحواس.
قلّل حديثك عن العزلات، زوايا الموهبة المتوحّدة،
فوراء التصفيق الوديع والمناوشات العقليّة
عُزلة بالية مثل الأشرعة، وأحلام تغرق.
تتوارى الأشباح، والنجوم تسقط كما العيون،
وما تبقّى سوى أساطير البحر الحامضة والرياح الزيتيّة
لتُمدّد صِبايَ على سمادٍ من كلمات.
عندما أرى الأطفال يخطون فوق ضوء رهيف
لابسين على لحمهم الأملَ الذي لبسته
أصيح على زمن حِيلة الشّهداء
مُنذرًا، خائفًا
أن أكسر السّحر القديم. قلبٌ انفطر مبكّرًا
لن يشفى.
أوه أيّها النهر الضال، مالحٌ كالدموع.
السّنوات تأتي بالأوسمة، والكمال، والحكمة في المدرسة،
بحثٌ وقور عن فساد تراكم على الأرض.
المسؤولية تُحمَل قبل وقت طويل
من وصول أوّل أدوات حلاقة.
الجُزر منحنية انحناء رمية حصى إلى البحر،
بياض الشاطئ صباحًا، سماء دون غيم،
والجزيرة الأولى خاوية بعدُ، هادئة.
نستغرق في ساحل له شاطئ واسع يتوق إلى اليابسة،
وهناك
لم يكن للطيور صياحها القريب في موسم الجفاف،
لا خرابًا فظيعًا، حُطام معابد في مدى البحر،
أو رحيلًا مفاجئًا عن مخيّم، والنار ما زالت تدخّن،
لا طير ينحب ولا قاطع طريق،
ولا صليبًا مكسورًا، فقط
وفرةٌ ملعونة لذهن أخضر
راح يعتني بموته بالصّور، والرغبات،
كارهًا أن يُبعد القلق الصِّرف.
الموهوبون، يسعون إلى ثقوب هرمَت من العُزلة
منفصلين عن الحشود، وحيدين ضاحكين.
يحوّلون كراهيّة أنفسهم إلى حُبّ للأشياء،
مبكّرًا ربّتهم الطبيعة على المُعتزَل،
تقودهم فطرتهم دومًا إلى صُحبة المترحّلين،
يرعون عُصابَهم كأنّه نبتة في حوض،
في يفاعنا، عنى لنا الرّسمُ الصِّدقَ،
دون جنس مثل تمثال تشعر بشهوانيّة فمه
يدفننا في شغف إلى الحرية. التمرّد
هو الموت الذي أعانيه؛ ذاك الأمل
الذي اصطدته في البحر مثل أحلام الظهائر، يقِيني ويحفظني
ولن يتركني أعيش كما حيوان.
لا بالمُترفات، بل بالخواء راضٍ،
بل بدقّ الموهبة مثل بُرج مدبّب
مقذوف نحو السّحب، الصبيّ الذي كُنتُ يَهِن.
أنصت إلى قِواي الكامنة تطرق جذوري،
وأرى برج نفسي الذي يُغري عُلوّه
بالتدمير، يتصدّع مجنونًا ويبدأ فالس الخراب.
في ذاك المنعزل، مُطلًّا على البلدة
لم نتعلم كثيرًا لكنّنا آمنين
أيّام السّبت، في روائح الزيوت والأصباغ.
وفيما الأوراق الجافّة تخشخش خارجًا مثل البحر،
مثل الرّيح في الأشرعة، مخلّفةً نثارها بطول السّطح مثل فئران.
في الخارج
بدَت التلّة في صيف محايد،
شبه الجزيرة المنخفضة، دعوة السّاحل الناعمة،
الصخور تدفأ، مُنقّطةً المنحدر،
والأغنام بدقّتها ورعويّتها تنتشر على عشب قمّة التلّ،
وفي الليل مجدّدًا يموت الضوء الهائل
من البحر المنفيّ.
في خَلوةٍ تحفّز الذّهنَ وحده،
كلّ ما تفعله للعودة هو أأمن.
منبطحًا أو متألّمًا، الأفكار تؤذينا، أيّها السّادة،
عندما أتلوّى في السرير مثل ورقة الأمس.
4
قصائد (1957)
المهجع
الزّمن هو الدّليل الذي يُعيد كلّ شيء إلى الجوهر،
مَن يعلّق خريطته سوف يتحرّك
خارجًا من جيولوجيا الكتب المحدودة،
ليرى نخلة واديه غضّنتها تجارب الحُب.
هذه الجزر تبدو ناعسة، أرى النومَ يلعق
نتوءات سواعدها الممتدة، يمحو
بممحاة شخصيّة حُبّها كلّه
للسّطوة العضليّة. والآن إلى البحر هناك، أنظر.
حيث تواقيع الماء المتلاحقّة تتكسّر
فوق المهاجع المتنهّدة
للغرقى الذين تحرّكهم الرّياح الناعمة.
هنا أولئك بأفواه هادئة مثل أنهار يتحدثون.
أو من هؤلاء الأطفال، في نصيبهم غير المؤكّد
من النوم، يتوقّعون الحياة،
أنفاسهم تحبو من شفاههم المنفرجة مثل
سديم الزّمن فوق الوديان يشجو.
إلى نايجل
أوه أيّها الطّفل الطاهر من الذنوب مثل العُشب،
من بلادك الخضراء تلك في عينيك،
لا أستطيع إخبارك كيف تعبُر
إلى هذه البلاد، حيث السماوات
تُنذر بالشرّ طوال النهار؛
إلى الكذبات الباردة الناضجة
حول ماضٍ عارٍ نقيّ؛
إلى هذه البلاد حيث الأوراق
تُطرَح مُهملةً دون حساب
لما كان غضًّا ولذا تموت؛
إلى هذه البلاد حيث الضوء،
رغم كونه طيّبًا ومُميتاً معًا للأشجار
لن يعلّم نفسه كيف يدوم
لكنه سينزف مجدّدًا في الليل
ثمّ ينفلق عن جُدَريّ من النجوم.
أوه أيّها الولد، الذي أنفاسه رغم هزالها
تهزّ شجرتي الناضجة من الأعصاب حتى تقلّب
وتدفن البراءة في الأوراق،
وتحطّم زجاجًا مسحورًا،
وتقطع خيط الطائرة الورقية.
أوه أيّها الولد، يا ابن أخي،
أن تهمل كل ذلك
فيما النهار يُنفق نقود الضوء
شبح نضجي، النوم، وفيما الليل
يحب في الظُّلمة الضوءَ القاتل،
حتى يتطفّل الوقت، لصًّا أمام عينيك المطبقتين،
ويفتح فُرُجات برّاقة.
5
في ليلةٍ خضراء (1948-1960)
صراخ بعيد من أفريقيا
ريحٌ تلطّخ الجلد الأسمر
لأفريقيا. الكيكويو[1]، سريعون مثل الحشرات الطائرة
ضُربوا بطول مجاري دماء الفيلد[2].
جثث مبعثرة في جنّة.
لكن ما زالت الدودة، كولونيل الجحيم، تصرخ:
“لا تُهدر تعاطفك على هؤلاء الأموات المتفرّقين”
الأرقام تبرّر، والدّارسون يُحجمون عن الهجوم
على الخط الدفاعي لسياسة الكولونيل.
ما الذي يعنيه ذاك كلّه لطفل أبيض يعتلي فراشه؟
للهمج المستنفدين، مثل يهود؟
مطحونون بالضّاربين، انتهت الهجمات الطويلة
في غبار أبيض من طيور أبو منجل، التي صياحها
يتدحرج منذ فجر الحضارة
من النهر الجافّ أو السّهل العاجّ بالوحوش؛
عنف الوحش على الوحش يُقرأ
كقانون في الطبيعة، لكن الإنسان المنتصب
يتقصّى ألوهيّته بإنزال الألم.
هذيانيّة، كما هذه الوحوش المضطربة، كانت حروبه
راقصةً للذبيحة المشدودة على طبل،
فيما يستدعي شجاعته لا يزال، ذاك الخوف الأصليّ
من السّلام الأبيض الذي وقّع عقده الأموات.
ومرّة أخرى تمسح ضرورة التوحّش كفّيها
بمنديل قضيّة متّسخة، مرّة أخرى
هدْرٌ لتعاطفنا، كما مع إسبانيا.
الغوريلا يصارع سوبرمان.
أنا، المسموم بدماء كليهما،
إلى أين أستدير، منقسمًا حتى العروق؟
أنا الذي لعن
الضابط السّكران من الحكم البريطاني، كيف أختار
بين أفريقيا هذه واللسان الإنجليزي الذي أحب؟
أخونهما معًا، أو أعيد لكلٍّ منهما ما أعطى؟
كيف لي مواجهة مذبحة كهذه وأبقى هادئًا؟
كيف أستدير عن أفريقيا وأحيا؟
[1] يرى النقّاد أن القصيدة بلغت من الصعوبة أنّها مزجت عوالم وأزمانًا مختلفة: قالوا ربما إن الصّيادين هم العبيد الذي كانوا يُنقَلون بحرًا ويُرمى بعضهم للغرق إذا استعرض المركبُ البحرَ وثقُلَت حمولته؛ وقالوا إنّه مزج بين رؤية المستعبَد أو الأسود (الليل مخادع والبحر عضوض) ورؤية المستعبِد أو السائح (ركّاب السفن السياحية، تجاهل قصص المكان الصغيرة المشكّلة لهويّته). وفي مستوى آخر، قالوا إن رحلته ليست سوى كتابة هذه القصيدة، أو الشّعر عمومًا، وإن “الحِيلة العتيقة” هي شكل السّونيتة المازج بين الرومانسية (كما خطابه إلى حبيبته في أوّل القصيدة) والطعنة الغادرة في آخرها والتي تعطي النصّ معانٍ مختلفة يعود بعدها القارئ إلى أوّل النصّ (وهذا هو توقيع شكسبير الخالد في عالم السّونيتة).
[2] واروِك وُلكَت، والد الشّاعر، وهو رسّام توفي عام 1931 بعد ولادة الشّاعر بعام واحد. معتقدات الغسول هي إشارة إلى الطقوس الإيمانية التي توظّف الماء عنصرًا مطهّرًا ومُجدّدًا للحياة، أمّا لعازر فهو الذي أحياه المسيح من بين الأموات حسب إنجيل يوحنا، والشّاعر بذلك يشكّك في جدوى إيمان أبيه.
[1] جماعة عرقيّة في كينيا.
[2] نوع من المناطق الريفية الواسعة في جنوب أفريقيا.